ـ1ـ
تَغْفو.. وَفِي الْعَيْنَيْنِ طَيْرٌ أَزْرَقُ
بِرِياشِهِ الْمَلْساءِ بَدْرٌ مُشْرِقُ
يَخْتالُ في نَبَضاتِهِ فَرَحُ الدُّجَى
وَعَلَى مَسامِعِهِ الْمَدائِحُ تُهْرَقُ
ـ2ـ
بِجَمالِهِ، ما صاغَ رَبُّكَ طائِراً
وَبِحُبِّهِ بَوْحُ الزَّمانِ مُعَلَّقُ
هَذا الْغَريبُ الْمُستَنيرُ بِفِكْرِهِ
شِعْرٌ يُضَمِّخُهُ الشَّذا والزَّنْبَقُ
ـ3ـ
أَحْبابُهُ، عُدَّ الدَّقائِقَ وَاسْتَرِحْ
فَتَرَى الْمَطارِحَ بِالْغَريبِ تُحَدِّقُ
لا تَحْسَبَنَّ الْهَجْرَ يَرْفَعُ قَدْرَهُ
فالأَرْضُ وَقْعَ حُروفِهِ تَتَعَشَّقُ
ـ4ـ
قَبْلَ ارْتِحالٍ كَمْ تَمَنَّتْهُ الرُّبَى
مَطَراً.. وَحُلْماً أَخْضَراً يَتَفَتَّقُ
هَمَسَتْ بِهِ وَقَدِ انْتَشَتْ أَطْرافُهُ:
عُدْ يا حَبيبي، فَالنَّدى لا يُحْرَقُ
ـ5ـ
ما هَمَّهُ.. نَزَفَ الإباءَ قَصيدَةً
وَعَلى مَعانِيهِ تَعَمْلَقَ بَيْرَقُ
أَحْلامُهُ وِسْعُ الْمَدى ، وَحَنينُهُ
أَلَمٌ يُعَشِّشُ بِالْحَشَا وَتَحَرُّقُ
ـ6ـ
وَهَبَ الْهَناءَ خُصومَهُ.. فَتَهامَسوا
وَتَآمَروا وَتَوَعَّدوا وَتَمَزَّقوا
لا شَيْءَ يَدْفَعُهُمْ إلى رَكْبِ الرَّدَى
لَوْ ما الرَّذيلَةُ أَوْمَأَتْ كَيْ يَخْلُقوا
ـ7ـ
مَنْ قالَ: يُنْقِذُهُمْ صَباحُ طُفولَةٍ
مِنْ غِيِّهِمْ، وَشُموسُهُمْ لا تُشْرِقُ؟
جالوا.. فَأَفْنوا زَرْعَنا وَعِيالَنا
وَبِزِقِّنا خَلَّ الزَّعامَةِ عَتَّقوا
ـ8ـ
وَلَقَدْ شَعَرْتُ بِحُبِّهِ وَحَنانِهِ
يا حَبَّذا لَوْ مِنْ هَواهُ تَنَشَّقوا
كانوا الفَضيلَةَ، دونَ قَصْدٍ، مارَسوا
وَتَلَقَّحوا بِالْحُبِّ، ثُمَّ تَذَوَّقوا
ـ9ـ
لَيْسَتْ بِأَيَّامٍ تُقاسُ حَياتُنا
وَمَعَ الصَّباحِ بِعُمْرِنا نَتَصَدَّقُ
شُعَراؤنا، أُدَباؤنا، نُقَّادُنا
غَزَلوا الْبَراءَةَ مشْلَحاً وَتَنَمَّقوا
ـ10ـ
رَدُّوا الْقَصائِدَ لِلْمَضارِبِ، هَمُّهُمْ
أَنْ لا يُفَرِّطَ بِالأَصالَةِ أَحْمَقُ
مِجْذافُهُمْ كَفٌّ تُرَوِّضُ هَجْرَهُمْ
وَعَلَى أَصابِعِهِم تَرَنَّحَ زَوْرَقُ
ـ11ـ
يا ابْنَ العُروبَةِ لا تَسَلْ فَعُيونُهُمْ
تَزْدادُ سِحْراً عِنْدَما تَتَأَرَّقُ
فَاكْتُبْ، أَديبـي، لا تَخَفْ أُرْجوزَةً
سَئِمَ الْمَغيبُ سَماعَها والْمَشْرِقُ
ـ12ـ
أَنْشِدْ، أَعانَكَ خالِقي، في غُرْبَةٍ
فَلَعَلَّكَ الإنسانَ فيها تُعْتِقُ.
**